آخر تحديث :الجمعة - 13 سبتمبر 2024 - 02:38 ص

(2-1 ) مزايا الحوثيين!

الجمعة - 22 ديسمبر 2023 - الساعة 10:08 ص

علي العمراني
بقلم: علي العمراني - ارشيف الكاتب


سيجد المتابع، مزايا للذين حكموا اليمن في المئة عام الأخيرة؛ ولن يعدم، ولو كانوا خصوماً،  وجود مزايا حتى لأولئك الذين استهدفتهم الثورات والتغيير.

في 2010 كتبت مقالاً بعنوان الإشتراكي والإمام والأمن، ومضمونه أن الأمن كان في عهد الإمام وعهد الإشتراكي، بحالة أفضل، مما عهدناه  في أيامنا تلك وما قبلها بسنين، ومعروف إن الإمام يحيى، عمل على توطيد الأمن في عهده، وعلى ما لديه من فقه تقليدي ومعرفة بنظم الشعر، لكنه، لم يكن يصلح حاكماً في القرن العشرين لهذا البلد المهم ويعمل على تطوره ويعزز من مكانته، وعندما تكون المقارنة بينه وبين دينامية وبراعة جاره، في شمال الجزيرة، ابن سعود، يكون البون شاسع، لصالح الأخير، حتى قبل عصر النفط.

وكتبت عن صالح في عام 2020، بأن له وعليه، وكان يحسب له الكثير حتى عام 1990، بما في ذلك تحقيق الوحدة،  لكن الأخطاء تراكمت  بعد ذلك، ومع ذلك فمن الصعب مقارنة صالح بالذين جاءوا من بعده.

ويحسب لحكم الحزب الإشتراكي في الجنوب الكثير أيضاً بما في ذلك موضوع الأمن، وله وعليه طبعاً.

وأظن إبراهيم الحمدي، رجل الدولة البارع الذي لو أتيحت له الفرصة، فقد كان سيأتي بما لم يستطعه الاوائل، لكنهم عزموه على الغداء وقتلوه!

ولا شيء يضاهي أخطاء الرئيسين هادي وصالح، من حيث تحالف صالح مع المتمردين الحوثيين، أو تقبل هادي التعامل معهم  بعد اجتياح العاصمة والسيطرة على مؤسسات الدولة، وكذلك عدم مواجهتهم وهم في طريقهم إلى صنعاء.

لست ممن أمَّل في الحوثيين خيراً، منذ نشوء الحركة، إلى هذه اللحظة، وإلى النهاية، وكنا نشعر بخطرهم، لكن لم يكن أحد يتصور، أن يكونوا بهذا المستوى من المحق والخطر ، والنكبة التاريخية؛ ويصعب تصور تغيُّر الحوثيين، ولن يعثر التاريخ على مزية واحدة لهم، فهم كارثة متكاملة الأركان.

وعندما يحاول الحوثيون استغفال التاريخ، يعايرون خصومهم؛ ويقولون : لقد استعنتم بالخارج، ويتجاهلون أنهم هم السبب وهم من دفع اليمنيين إلى ذلك الخيار المر، فهم المتمردون الذين اجتاحوا عاصمة البلاد، دون أدنى مشروعية، وعملوا وما يزالون على إهانة الخصوم بما يوغر الصدور لسنوات وعقود وربما قرون قادمة، وقتلوا علي عبدالله صالح، وكان حليفهم، وانقلبوا على هادي وقد أبدى تعاونا معهم، على نحو مخل جداً، من حيث المشروعية والعرف وحكم العقل والتاريخ.

في موضوع فلسطين، فإن الحوثي، يستطيع استغفال أي أحد، الا اليمنيين الذي اجتاح عاصمتهم وأطاح بدولتهم، وشرد ثلاثة ملايين منهم من أرضهم، وتسبب في قتل 377 ألف منهم، وفي  خراب بلدهم وإنهاكه، حتى استباحه آخرون، وانتهكوا سيادته واستقلاله.

كانت أكبر أخطاء الرئيسين صالح وهادي، التاريخية، هي الكيفية التي تعاملا بها مع المتمردين الحوثيين.

مؤسس جماعة الحوثي حسين بدر الدين، الذي صار قديساً عند جماعته وشيدوا على قبره مزاراً ، كان زميلا في برلمان 1993، ولم يزد على كونه عضوا عادياً، يدخن التبغ ويخزن القات، ويعرف المتابعون محدودية إمكاناته الفكرية من خلال ما قال وما كتب في تسجيلاته و"ملازمه" لكنه جاء في ظرف خاص، وهيأ له ذلك الظرف أن يكون حكاية خطيرة، ومشكلة كبيرة على نفسه وعلى البلد.

قد تكمن قوة حسين الحوثي النسبية في تمتعه ببعض السمات القيادية غير الإستثنائية، التي يمكنها التأثير في مجتمع ريفي، وفي أوساط شباب صغار السن وفي ظل فراغ قيادي غير ملهم، لكن حسين كان  خالي الوفاض من أي فكر ناضج وسليم وملائم للعصر والناس والدولة، وربما لم تكن نظرته ونواياه سليمة وصالحة تجاه حقيقة ما تعنيه اليمن وأهلها، ولعله ينظر إلى اليمن واليمنيين، كمجرد مجال للتسلط والهيمنة وفقاً لنظرية الإمامة، ويكفي أنه يؤمن بأباطيل مثل الإصطفاء الإلهي وحصر الولاية في البطنين، لكن أظنه لم يكن بمستوى تهور من جاءوا بعده وخوائهم إلا من أساليب العدمية والعنف والعنجهية، ولو سلِم على القتل لربما ما تفاقمت كارثية جماعته في اليمن بالمستوى الذي بلغته من بعد، وقد دار حديث من هذا القبيل مع الزميل المرحوم عبدالكريم جدبان، قبل وفاته، حول مثل هذه الاحتمالات، وهو  رفيق حسين منذ البداية؛ وعندما سألته؛ هل كان حسين الحوثي قيادياً، فقال بحماس: نعم!

ومعلوم إن كل التجمعات البشرية وكل الجماعات، بما ذلك الدول والعصابات والمافيات، يقودها أشخاص يتمعون بمواصفات قيادية، حسب الحالة والحاجة.

وسألت عبدالكريم جدبان في آخر لقاء لنا، وما يزال الحوثي خارج عمران، هل تريدون العودة إلى المسيدة وحِبَّاب الركب؟! فرد بحماسه المعهود: تحت حذائي هذه!